سورة يوسف - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


{قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95)}
90- نبهتهم تلك المفاجأة السارة إلى إدراك أن هذا يوسف، فتفحصوه، ثم قالوا مؤكدين: إنك لأنت يوسف حقا وصدقا، فقال يوسف الكريم مصدقا لهم: أنا يوسف، وهذا أخى، قد مَنَّ اللَّه علينا بالسلامة من المهالك، وبالكرامة والسلطان، وكان ذلك جزاء من اللَّه لإخلاصى وإحسانى، وإن اللَّه لا يضيع أجر من يُحسن ويستمر على الإحسان.
91- فقالوا: صدقت فيما قلت، ونؤكد لك بالقسم أن الله فضَّلك بالتقوى والصبر وحسن السيرة وأثابك بالملك وعلو المكانه، وإنما كنا آثمين فيما فعلنا بك وبأخيك، فأذلنا اللَّه لك، وجزانا جزاء الآثمين.
92- فرد عليهم- النبي الكريم- قائلاً: لا لوم عليكم اليوم، ولا تأنيب، ولكم عندى الصفح الجميل لحرمة النسب وحق الأخوة، وأدعوا اللَّه لكم بالعفو والغفران، وهو صاحب الرحمة العظمى.
93- ثم سألهم يوسف عن أبيه، فلما أخبروه عن سوء حاله وسوء بصره من كثرة غمه وبكائه؛ أعطاهم قميصه، وقال لهم: عودوا به إلى أبى فاطرحوه على وجهه، فسيؤكد له ذلك سلامتى، وتملأ قلبه الفرحة، ويجعله اللَّه سببا لعودة بصره، وحينئذ تعالوا إلىَّ به، وبأهلكم أجمعين.
94- وارتحلوا بالقميص، وكان قلب يعقوب مستغرقا في ترقب ما تأتى به رحلة بنيه، وكان اللَّه معه في هذا الترقب فوصل روحه بأرواحهم، فحين تجاوزت قافلتهم أرض مصر في طريقها إليه، شرح اللَّه صدره بالأمل، وأحاطه بجو من الطمأنينة إلى اقتراب البشرى بسلامة يوسف، وأخبر أهله بذلك إذ يقول: إني أشعر برائحة يوسف المحبوبة تغمرنى، ولولا خشية أن تتهمونى في قولى لأنبأتكم عن يوسف بأكثر من الشعور والوجدان.
95- فرد عليه أهله ردا خشنا، حالفين باللَّه أنه لا يزال ذاهبا عن صوابه هائما في خياله، فتهيأ له ما تهيأ من فرط محبته ليوسف، ولهجه بذكراه، ورجائه للقياه.


{فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99)}
96- واستمر على أمله منتظرا رحمة اللَّه، واستمر أهله على سوء الظن به إلى أن أتاه منْ يحمل القميص ويبشره بسلامة يوسف، فحين طرح القميص على وجه يعقوب نفحته رائحة يوسف وغمرت قلبه الفرحة، فعاد إليه بصره، ولما حدثه الرسول بحال يوسف، وأنه يطلب رحلته إليه بأهله، اتجه إلى من حوله يذكرهم بنبوءته، ويُعاتبهم على تكذيبه، ويوجه أذهانهم إلى ذكر ما أكده لهم آنفا من أنه يدرك من رحمة اللَّه وفضله ما لا يُدْرِكون.
97- فقبلوا عليه معتذرين عمَّا كان منهم، راجين أن يصفح عنهم، وأن يطلب من اللَّه التجاوز عن آثامهم، لأنهم كما أكدوا في اعتذارهم كانوا آثمين.
98- فقال يعقوب: سأداوم طلب العفو من اللَّه عن سيئاتكم، إنه- وحده- صاحب المغفرة الثابتة والرحمة الدائمة.
99- رحل يعقوب إلى مصر، وسار بأهله حتى بلغها، فحين دخلوا على يوسف- وكان قد استقبلهم في مدخل مصر- عجَّل به الحنان والشوق إلى أبيه وأمه، فقربهما إليه، وطلب منهما ومن أهله أن يقيموا في مصر آمنين سالمين بإذن اللَّه.


{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)}
100- وسار الركب داخل مصر حتى بلغ دار يوسف، فدخلوها وصدَّر يوسف أبويه، فأجلسهما على سرير، وغمر يعقوب وأهله شعور بجليل ما هيأ اللَّه لهم على يدى يوسف، إذ جمع به شمل الأسرة بعد الشتات ونقلها إلى مكان عظيم من العزة والتكريم، فحيَّوه تحية مألوفة تعارف الناس عليها في القديم للرؤساء والحاكمين، وأظهروا الخضوع لحكمه، فأثار ذلك في نفس يوسف ذكرى حلمه وهو صغير، فقال لأبيه: هذا تفسير ما قصصت عليك من قبل من رؤيا، حين رأيت في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين لى، قد حققه ربى، وقد أكرمنى وأحسن إلىَّ، فأظهر براءتى، وخلصنى من السجن، وأتى بكم من البادية لنلتقى من بعد أن أفسد الشيطان بينى وبين إخوتى، وأغراهم بى، وما كان لهذا كله أن يتم بغير صنع اللَّه، فهو رفيق التدبير والتسخير لتنفيذ ما يريد، وهو المحيط علما بكل شيء، البالغ حكمه في كل تصرف وقضاء.
101- واتجه يوسف إلى اللَّه، يشكره بإحصاء نعمه عليه، ويرجوه المزيد من فضله، قائلا: يا رب ما أكثر نعمك علىَّ، وما أعظمها، لقد منحتنى من الملك ما أحمدك عليه، ووهبتنى من العلم بتفسير الأحلام ما وهبت، يا خالق السموات والأرض وبارئهما، أنت مالك أمرى ومتولى نعمتى في محياى وبعد مماتى، اقبضنى إليك على ما ارتضيت لأنبيائك من دين الإسلام، وأدخلنى في زمرة من هديتهم إلى الصلاح من آبائى وعبادك الصالحين المخلصين.
102- ذلك الذي قصصنا عليك- أيها النبى- من أخبار الماضى السحيق، لم يأتك إلا بإيحاء منا، وما كنت حاضرا إخوة يوسف وهم يدبرون له من المكائد وما علمت بكيدهم إلا عن طريقنا.
103- وفى أغلب الطباع مرض يجعلها غير قابلة لتصديق ما أوحى إليك مهما تعلق قلبك بأن يؤمنوا أو أجهدت نفسك أن يكونوا من المهتدين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8